الزومة منارة الفُقَرا

الزومة منارة الفُقَرا

*الزُومة منارَة الفُقَرَا*

بقلم: جمال أحمد الحسن – الرياض 07 مايُو 2020م

خصَّنِي الأخ والصديق، شاعر الزومة المُجيد عبد العظيم الحسن حاج علي بفيديو إيجابي من الطراز الفريد، تتجمَّع فيه تفاصيل البلد بكل مجاميعها…

مجموعة من الشباب، يتجمَّعُون تحت ظلٍ رهين بالساقية رقم 21 (خشم المُوس) بالزومة وسط، أمامهم (مُسَّار إشْمِيق) من النُوع الذهبي المُعَتَّق المخلُوع من الصف الأول لجريد قلب التمرة..

ينهمكُون في عملٍ رائع (فتل الحِبال) من باب التسلية وتكسير النهار الرمضاني الطويل..

في الخلفية التصويرية لهذا المشهد، يتجَلَّى أولاد شيخنا حاج الماحي (حمزة وعبد الرحمن) يترنَّمُون بواحدة من مدائح شيخنا علي ود حليب رضي الله عنه..

يا مْحَادِي الجِمال بالليلِ مذعُوبا..

لي سيد أُم قزاز الفُوقُو منصُوبا..

وعلى الجانب الآخر تتداخل بعض أصوات طيور الجني وود ابرك وعشوشة والكُعْلِجِّي على أفرُعِ أشجار المانجُو المتدلية على رؤوسهم العالية ونفوسهم (القنُوعة) بهذا الخير العميم الذي حباهُم به الله تعالى (راحة بال وسُتُر حال)..

*الزُومة لي سيدي مسجَّلة*..

*من أرَاكَا ولي بركلا*..

قالها أحد أسلافهم (رحمه الله) في وجه قيادي إتحادي كبير إنشَقَّ من الحزب الإتحادي الديمقراطي الذي يرعاهُ مولانا السيد علي الميرغني.. فكان هذا الشعار يتوارثه أهلنا الطيبُون جيلاً بعد جيل..

نقلني هذا المشهد.. لأكثر الفِصُول إيجابية، حينها ونحن في ثمانينيات القرن الماضي..

نسمع بُوري ود كسلا قادماً من نواحي كرُو ود منصوري.. ونحن حلقات نهارية تحت نيمات حاج أحمد ود أبشُوك..

منظر البص الخارجي..

به رايتين تحملان ألوان بِيرَق الطريقة الختمية الأربعة.. الأخضر.. الأبيض.. الأسود والأحمر.. مرفوعة بجانبي (تَنْدَة) البص من فوق مع جريدتين بتاعت مَدِينِيِّي كل واحدة ملتحمة مع بيرَق في عناقٍ تام كأنَّ الذي بينهما أكبر من مشوار الفرح دا…

وقرمصيص أحمر يسر الناظرين منصُوب على كامل (كَبُّوت) البص…

بُوري يعزِف اهزوجة جميلة ومحبَّبة لأهل تلك المناطق.. ختم بها شاعرنا حمِّيد & رفيقه السر عثمان الطيب قصيدتهما الصادقة (عُودَة وفُودَة يا عثمان)..

(نِحنَ نَأيِّد.. حزب السيِّد)..

يمُر بي فُوقنا هذا البص الجميل الأصفراني وكلٌ منا يُمَنِّي نفسه بأن يكون (محشُوراً) بين (كَنباته) الإثنتين المنصوبة على طُوله.. جالساً مع (الشُفَّع) على المَمَر الواسع بينهما..

يجلس في (بيت السوَّاق) عريس مجرتَق بكامل زينته، سبحة اليُسُر تُزيِّن رقبته، هلال من الذهب الخالص على جبينه وحرير هندي أصلي مربُوط على يده اليُسرى، بيساره تجلس عروسته زي القمر.. زي القَمر وبس..

داخل البص حِسان جياد من أهل العريس وأهل العروس مع مجموعة كبيرة من الحاجَّات الكبار غالباً ما تكون وسطهن المادحة الحاجة سكينة بت عبد المحمود رضي الله عنها..

فُوق التَنْدَة من فوق وعلى السطح يتحلَّق الشباب بكامل زينتهم.. الجلباب الأبيض والسديري الأسود والطاقيَّة المحدَّرة…

وِجهَة هذا البص.. دائرة شيخنا ود ابراهيم الابكراوي بالأراك.. حيث توثيق عقد الزواج بمزيدٍ من البركات والنفحات الربَّانية..

شوقنا يتزايد لرجعة هذه (السيرة) مع العِصِير أو المِغيرب.. كثيراً ما يستعرض ود كسلا بعض مهاراته في (حُمَّدْ دِيرَا) أمام خلوة الكدياب فيثيرها (فَرْنَاغَة صاخِبَة) بعد ما كانت (حِيبِي هامدة)..

ثم.. يعود قافلاً نواحي الزُومة يتبعه (نِطِّيط الصغار)، (بِشِّير الرجال)، زغاريد الحسان ودعوات الشيوخ..

لينتهي يوم جميل (وإيجابي) من أيام الزُومة الخالدات..

تحية وتقدير لك إبن عمِّي عبد العظيم.. ولجماعة الصفاء والنقاء الذين من حولك.. وعبرك لصديقي الجميل المقداد بابَكُر حسن المهدي وآله…

إرسال التعليق