د. مزمل أبو القاسم.. الحقيقة البسيطة

د. مزمل أبو القاسم.. الحقيقة البسيطة

للعطر افتضاح
د. مزمل أبو القاسم
الحقيقة البسيطة

  • هناك حقيقة ماثلة في هذه الحرب، لا تحتمل (على بساطتها) النفي، ولا تقبل المكابرة، مفادها أن المواطنين ظلوا ينزحون من أي منطقة تدخلها مليشيات الدعم السريع إلى مناطق سيطرة الجيش.. بحثاً عن الأمان.
  • تلك الحقيقة البسيطة الراسخة تدحض كل مساعي تجريم الجيش ودمغه بتهمة قتل المدنيين أو إيذاءهم، فالناس ليسوا أغبياء ولا فاقدين للعقل والنُهى كي يتركوا منازلهم، ويهجروا مخادعهم، ويهرعوا إلى من يقتلهم، وينزحوا إلى من يؤذيهم!
  • في الخرطوم مثلاً انتشرت المليشيات في العديد من الأحياء، فهجرها سكانها، واحتموا بأحياء لم يصلها المرتزقة (مثل الكلاكلات)، وما أن سقطت قيادة قوات الاحتياطي المركزي حتى فقدت المنطقة أمنها، واضطر أهلها ومن لجأوا إليها إلى هجرها.. فأين ذهبوا؟
  • ⁠إلى مناطق ومدن أخرى تقع تحت سيطرة الجيش.
  • نزح الملايين من سكان العاصمة إلى ولاية الجزيرة (حيث يوجد الجيش)؛ بحثاً عن الأمان، وما أن سقطت الولاية في يد المتمردين حتى شاهدنا الملايين من أهلها (وضيوفهم) ينزحون مجدداً، بل يفرون بأنفسهم على عجل خوفاً من جرائم المليشيات، ويتجهون إلى مناطق أخرى، يسيطر عليها الجيش!
  • ⁠وفي الجزيرة نفسها انعدم الأمان، وتلاشت كل مقومات الحياة وكامل الخدمات إلا في مدينة المناقل، حيث يوجد الجيش!
  • ⁠حتى القرى التي توهم أهلها أنهم سيبقون آمنين بسبب عدم وجود الجيش في مناطقهم سرعان ما اكتشفوا أن إجرام المليشيات موجه في أصله نحو المواطنين، وأن عدم وجود الجيش لا يعني كف الأذى عن المدنيين العُزَّل!
  • في أم درمان (مثلاً) انتشرت المليشيات في العديد من الأحياء القديمة، فهجرها سكانها وأقفرت البيوت من أهلها، وما أن سيطر الجيش على تلك الأحياء ونجح في طرد المليشيات منها حتى عاد إليها الأمان، وعادت الحياة بعودة السكان!
  • تلك الحقيقة بسيطة الراسخة تؤكد أن وجود الجيش يعني الحياة بالنسبة للمواطنين، وأن دخول المليشيات إلى أي مكان يعني الموت والخوف وفقدان الممتلكات والاعتداء على المال والشرف وشيوع الرعب وفقدان الطمأنينة.
  • ⁠لذلك كله تبقى محاولات مساواة جيش الوطن بمرتزقة القتل السريع فاشلةً، وعاجزة عن بلوغ مرادها، لأن الناس يعرفون عِظم الفارق بين الحياة والموت، وبين الأمن والخوف.. فيختارون بطبعهم وسليقتهم وفطرتهم السليمة الحياة والأمن، باختيارهم للجيش الذي يرمز عندهم إلى (الحياة الآمنة) وفرارهم من المليشيات (التي توازي عندهم الموت والرعب).. فعن أي توازٍ ومساواةٍ يتحدث (المتقزمون)؟
  • ⁠من يحاولون مساواة هذا بذاك يخادعون أنفسهم، ويجتهدون في إخفاء حقيقة مواقفهم المساندة للمليشيات، بادعاء الحياد كذباً، ورفع شعار (لا للحرب) خداعاً ونفاقاً، ولن يستطيعوا خداع الناس به، لغباء منطقهم، وهزال مبرراتهم، وبؤس دفوعاتهم، التي تهزمها حقيقة بسيطة، مفادها أن الناس يهربون من مناطق المليشيات ليحتموا بحضن الجيش.. وأنهم (أي المواطنين) يكررون ذلك الفعل مراراً، متى ما خرجت المناطق التي يقيمون فيها عن نطاق سيطرة الجيش، فيذهبون (مثنى وثلاث ورباع) إلى حيث يوجد ويسيطر، وفي فعلهم أبلغ رد، وأقوى صفعة للجنجويد المحجبين.. المستترين برداء الحياد الكذوب.. جبناً ونفاقاً وعمالةً.. وخيانة!

إرسال التعليق