ما وراء الخبر – إعلان نيروبي.. البُؤساء!!!

ما وراء الخبر – إعلان نيروبي.. البُؤساء!!!

ما وراء الخبر

محمد وداعة

إعلان نيروبي .. البؤساء

اعلان نيروبى يضع الشروط و العراقيل امام الحوار السودانى – السودانى و عقد المؤتمر الدستوري

الموقعون على اعلان نيروبى و بكامل ( وعيهم ) يضعون فيتو على ارادة الشعب السودانى فى ان يتفق على دستور دائم

هذا النهج سيشجع قوى اخرى للتشدد و العمل على عقد (مائدة مستديرة ) خاصة بها

كل التعريفات لسلطة المؤتمر الدستوري تصفه بأنه سيد نفسه، فى الاتفاق على الاجندة مثار الخلاف

اهم مبادئ التداول السلمى للسلطة  هى خضوع الاقلية لرأى الاغلبية ، واحترام الاقلية لرأي الاغلبية و ناتج العملية الانتخابية

 على الرغم من ان صيغة التداول الاعلامى اوحت ان التوقيع كان ثلاثياً ، و ربما كان كذلك ، الا انني اطلعت على نسختين ،احداهما موقعة  بين د. حمدوك بصفته رئيس الوزراء السابق ، و بين عبد الواحد رئيس حركة تحرير السودان ، نفس النسخة وقع عليها ايضا عبد الواحد و عبد العزيز الحلو ، جاء فى الاعلانين المتطابقين (تأسيس حكم مدنى ديمقراطي فيدرالي في السودان يضمن قيام الدولة المدنية والمشاركة العادلة والمتساوية لجميع المواطنين في السلطة والثروة وتضمن حرية الدين والفكر وضمان فصل الهويات الثقافية والاثنية والدينية والجهوية عن الدولة ، تأسيس دولة علمانية غير منحازة وتقف على مسافة واحدة من الأديان والهويات والثقافات، وتعترف بالتنوع وتعبر عن جميع مكوناتها بالمساواة والعدالة ، وفي حالة عدم تضمين هذه المبادئ في الدستور الدائم يحق للشعوب السودانية ممارسة حق تقرير المصير، عقد مائدة مستديرة تشارك فيه كل القوى الوطنية المؤمنة بهذه المبادئ المضمنة في هذا الإعلان)..

لست مهتماً فى هذه العجالة بتقييم الاعلان، او تحديد موقف منه، فقط لفت نظري ان موقعي الاعلان و بعد ان قرروا وحدهم فى اجندة تهم كل اهل السودان، وضعوا شرطاً غريباً للالتزام بما قرره الاعلان، و جاء النص (وفي حالة عدم تضمين هذه المبادئ في الدستور الدائم يحق للشعوب السودانية ممارسة حق تقرير المصير)، هذا يكشف الى حد كبير ان جذور الازمة فى بلادنا تتلخص فى بؤس و خيال من يديرون الازمة، لا يمكن لمن صاغ الاعلان ان يكون جاهلاً بمصطلح ( الدستور الدائم)، و لماذا سمي بالدستور الدائم ، و كيف يصنع هذا الدستور ، و كيف يجاز، و الادهى من ذلك (عقد مائدة مستديرة تشارك فيه كل القوى الوطنية المؤمنة بهذه المبادئ المضمنة في هذا الإعلان) ، فما ضرورة عقد مائدة مستديرة لكل القوى المؤمنة بمبادئ الاعلان، المائدة المستديرة تجمع بين المختلفين، لا المتفقين،

ان اهم مبادئ التحول الديمقراطي و التداول السلمي للسلطة  هى خضوع الاقلية لرأي الاغلبية ، واحترام الاقلية لرأي الاغلبية و ناتج العملية الانتخابية، وقد بات معلوماً ان كل القوى السودانية بما فيها حركتي عبد الواحد و الحلو اكدت مراراً التزامها بالمؤتمر الدستوري كآلية تمثل كل اهل السودا ، فكان محيراً ان يتم حصرالمائدة المستديرة على القوى (المؤمنة) باعلان نيروبي، و رفض الدستور الدائم اذا لم يتضمن هذا الاعلان ، وعليه فان موقعي الاعلان يضعون الشروط و العراقيل امام الحوار السوداني – السوداني و عقد المؤتمر الدستوري ، وهو الطريق الوحيد لتحقيق اجماع ، او توافق على الدستور الدائم المستفتى عليه من الشعب السودانى…

الموقعون على اعلان نيروبي و بكامل (وعيهم) يضعون فيتو على ارادة الشعب السودانى اذما اتفق على دستور دائم ، متجاهلين ان كل الدساتير فى العالم تضع تعريفاً للشعب بأنه (صاحب السلطة) و يفوضها عن طريق الانتخابات، او بالاجماع الممكن من خلال التوافق، وهى حالة ربما لم تترك الحرب طريقاً غيرها لاستئناف العملية السياسية، او ربما الاتفاق على مبادئ (فوق الدستورية)  لمعالجة قضايا مناطقية ذات خصوصية، او تلك التى تتعلق بالتماثل او الاختلاف فى مستويات الحكم..

كل التعريفات لسلطة المؤتمر الدستوري تصفه بأنه سيد نفسه، فى الاتفاق على الاجندة مثار الخلاف، و تحديد آليات و طرق الاتفاق حولها، ولا احد يرفض ان تكون شروط اعلان نيروبي من تلك الأجندة بما فى ذلك (العلمانية) ، او ما اصطلح عليه ب (علاقة الدين و الدولة) ، و من المحتمل ان يكون تقرير المصير لاي منطقة او اقليم مدرجاً للحوار ، فقط يجب ان يكون هذا رأي (الشعوب) التي تحدث عنها الاعلان، مع وضوح الآليات (الموثوقة) التي يمكن من خلالها تأكيد هذا الراي..

اعلان نيروبي وبدون (لف او دوران) ، يؤكد مرة اخرى ان القوى الوطنية السودانية والحركات المحاربة بعيدة تماماً من ايجاد مقاربة للحوار و الاتفاق على انهاء الحرب و الانخراط فى اعادة تأسيس الدولة السودانية و بناء ما دمرته الحرب، ما جاء في الاعلان تعلية للسقوفات فى وقت يتطلب الاتفاق على الحد الادنى، هذا النهج سيشجع قوى اخرى للتشدد و العمل على عقد (مائدة مستديرة) خاصة بها، و(مافيش حد احسن من حد)، و الى اللقاء فى اعلان آخر ، و لا عزاء للشعب السوداني!!!

19مايو 2024م

إرسال التعليق